بوابة النخب والباحثين - المعرفة للجميع

الباحث

تجسّد المرأة الجميلة الطويلة العلياء فرنسا وهي ترسو على الشواطئ المغربية جالبةً معها الذهب والكتب والنور. وهذه واحدةٌ من الأساطير التي بنت عليها فرنسا خطابها الامبريالي. وحتّى تُحوِّل فرنسا ﭐهتمام سكان المستعمرات عن الدافع الحقيقي وراء الحماية، سلّطت الضوء على أهدافها ’الإنسانية‘. تحدّد هذه الصورة والمغرب ’المتقهقر‘. فرنسا تمثلها ﭐمرأةٌ بيضاءُ وترتدي لباسًا أبيضَ، أما الشعب المغربي فكلهم سودٌ، إيحاءً بثنائية النور والظلام. وتتعزز هذه الثنائية في أعلى الصورة حيث الجندي الفرنسي، الرجل الأبيض ذو البزة البيضاء و بملابسه الداكنة، بتأدية التحية لفرنسا، المرأة الجميلة الذي تجلب له كل شيء لا يملكه. وتستعرض الصورة مدى ﭐفتتان الشعب المغربي بوصول فرنسا. فبينما تسعةٌ من المغاربة يتحَلَّقُون حول المرأة الجميلة وهم في ﭐنشغالٍ بجمالها، وإشراقتها، وملابسها، والذهب والكتب التي جلبتها، يقف البعض الآخر وهم يمتطون إبلهم (أعلى الصورة على اليمين) فرحين بمقدمها. وهذا يتعارض والسجلات التاريخية التي شهدت على المقاومة الشرسة التي لقِيَتْهَا فرنسا أثناء ﭐحتلالها المغرب. وتُجسّد الصورة التاسعة تفوُّق فرنسا من الناحية البيولوجية والعرقية كذلك. فجسد المرأة الفرنسية الجميلة يضاعف أجساد الرجال المغاربة حجمًا، وهذا يشيرإلى أن الأفارقة والمغاربة على وجه الخصوص كان يُنظر إليهم على أنهم أقلُّ شأنًا من الناحية البيولوجية. علاوةً على ذلك، فتصوير فرنسا كامرأةٍ جميلةٍ له دلالاتٌ جنسيةٌ وﭐجتماعيةٌ وسياسيةٌ. قوة المرأة الجميلة في إغواء المغاربة جارفةٌ مدمرةٌ. كما أن الصورة تحدِّد وجهًا آخرَ من أوجه التباين بين المجتمع الفرنسي، مجتمع المساواة، حيث يهيمن الرجال والنساء على حدٍّ سواءٍ والمجتمع المغربي ’الذكوري‘. ففرنسا، بلد المبادئ الثلاثة: الحرية والمساواة والإخاء[26]، يتجسد عادلًا بين المرأة والرجل موكلًا لهما مهمة التنوير الحضاري على الأراضي المغربية. ويظهر المغرب عكس ذلك، ظالمًا للمرأة مهمِّشًا لها، لمجرد غيابها من الظهور مع الرجل جنبًا إلى